د الزعبي لجريدة الراي: كيف تساهم الرقمنة والتقنية في تعزيز الأمن الغذائي؟

د الزعبي لجريدة الراي: كيف تساهم الرقمنة والتقنية في تعزيز الأمن الغذائي؟

https://alrai.com/article/10921028

اكد الخبير في الامن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي ان تحديث البنية التحتية الزراعية في الأردن نحو زراعة أكثر تنافسية واستدامة هو أمر حيوي ومستند إلى الرؤية الوطنية لرؤيا التحديث الاقتصادي 2033، والتي تشكل خارطة طريق استراتيجية تهدف إلى تحويل القطاع الزراعي إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

واشار الزعبي الى “الرأي” ان هذه الرؤية تأتي لتؤكد على ضرورة تحديث منظومة الزراعة من خلال الاستثمار في البنية التحتية، التكنولوجيا الحديثة، والرقمنة، مما يعزز الكفاءة الإنتاجية ويخفض التكاليف ويواكب أحدث التطورات العالمية في القطاع.

وأشار الزعبي ان الزراعة الأردنية تعاني من تأخر ملحوظ في تبني التكنولوجيا الرقمية والزراعات الذكية، وهو ما فرضته العقود الماضية اعتمادًا على الطرق التقليدية في الري، الإنتاج، والتسويق، مع تواضع محاولات تحديثية غير مستمرة أو موسمية بين 1985 و2010. أما العقد الأخير فقد عرف تحولات عالمية ضخمة مع الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأدوات الزراعة الدقيقة، إلا أن قطاعنا ما زال يواجه فجوة تكنولوجية كبيرة نتيجة غياب سياسات واضحة، التمويل الكافي، وبرامج التدريب الموجهة للمزارعين، الأمر الذي يقيد قدرته على المنافسة ويزيد من تكلفة الإنتاج مقارنة بالدول المجاورة.

في هذا الإطار، بين الزعبي ان الخطة الوطنية للزراعة المستدامة 2022-2025 والتي تدعمها رؤية التحديث الاقتصادي 2033، تبين على هذه التحديات من خلال برامج شاملة تركز على تحسين استخدام الموارد، خاصة المياه، التي تواجه الأردن نقصًا حادًا فيها بسبب التغيرات المناخية، والتوسع في أنظمة الري الذكية، وزراعة محاصيل مقاومة للجفاف. تنفيذ هذه الخطة يتطلب تطوير قاعدة بيانات وطنية متطورة للمزارعين والمحاصيل، وتعزيز منظومة معلومات تعتمد على تقنية حديثة للرصد والتحليل، مما يتيح تلبية الاحتياجات الفعلية، وتقليل الهدر، وربط المزارعين بالخدمات التمويلية والتسويقية.

وذكر الزعبي انه و من الفرص التي يتيحها تحديث البنية التحتية الزراعية الاستفادة من تقنيات الزراعة في بيئة محكمة (CEA) والزراعة الذكية مناخياً (CSA)، وهما نهجان يدعمان تنمية القطاع الزراعي بصورة مستدامة ويتناسبان مع خصوصية البيئة الأردنية. عبر هذه التقنيات، يمكن التحكم في العوامل البيئية والإنتاجية لتحسين جودة المحاصيل وخفض استهلاك المياه والطاقة، مع تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية. كما تتيح هذه التقنيات تنويع الإنتاج الزراعي وزيادة الإمكانات التصديرية بما يدعم الأمن الغذائي ويخلق فرص عمل في المناطق الريفية.

وقال الزعبي على الرغم من هذه الفرص، يواجه التحديث الزراعي العديد من التحديات الجوهرية، مثل ضعف التنسيق المؤسسي، نقص التمويل لمشروعات الاستثمار الرأسمالي، ندرة الكوادر المدربة على التكنولوجيا الحديثة، وبطء الاستثمار في البنية التحتية الرقمية خاصة في المناطق الريفية، ناهيك عن الحاجة إلى صياغة سياسات تشريعية وتشريعات داعمة توفر الحوافز الكافية للمزارعين والشركات الزراعية لاحتضان الابتكار والتقنيات الجديدة.

واكد الزعبي و نتيجة لكافة الجهود والتحولات، فإن الأردن قادر على تحقيق نقلة نوعية في القطاع الزراعي بما يتناسب مع تطلعات رؤية التحديث الاقتصادي 2033، حيث ستقل الكلف، وتتحسن جودة المنتجات، وتزداد فرص العمل وتنمو الصادرات الوطنية للمنتجات الزراعية، لتشكل مساهمة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز التنمية الريفية والاقتصاد الوطني. هذه النتائج الإيجابية تصب ضمن استراتيجية شاملة لرفع التنافسية الزراعية وتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية، بما يدعم رؤية الأردن في أن يكون من الدول الرائدة في الاقتصاد الأخضر والتكنولوجي بحلول العام 2033.

وتابع الزعبي ان تحديث البنية التحتية الزراعية في الأردن ليس فقط استجابة لمتطلبات السوق المحلية أو الدولية، بل هو محرك أساسي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وفق إطار رؤية التحديث الاقتصادي 2033، التي تشدد على أهمية تطوير جميع القطاعات الحيوية، لا سيما الزراعة باعتبارها ركيزة للأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية. بفضل برامج الدعم الحكومي والشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية، من الممكن تقديم بيئة محفزة للتحديث الزراعي المبني على الابتكار والتكنولوجيا الرقمية، مما يضع الأردن على طريق تحقيق آفاق جديدة من الازدهار الزراعي المستدام.