“المنصة الرقمية”.. هل تعزز التنافسية للمنتجات الزراعية؟…
تحول نوعي
من جهته قال الخبير الدولي بمجال الأمن الغذائي د.فاضل الزعبي، أن القطاع الزراعي يشهد تحولا نوعيا، مع التوجه نحو إطلاق منصة وطنية رقمية شاملة، لتمكين المزارعين وتعزيز استدامة الإنتاج الغذائي، عبر أدوات ذكية تجمع بين الإرشاد والتسويق والإبلاغ عن الأوبئة وربط المزارعين بالمؤسسات التمويلية. 
وأضاف أن هذه المنصة تمثل نقلة استراتيجية بمسار تحديث الزراعة، حيث توفر للمزارع نافذة واحدة يمكنه عبرها الوصول لخدمات متكاملة تسهّل عمله وتزيد من كفاءته.
وأشار إلى انه رغم أن الأردن ما يزال ببداياته على صعيد الزراعة الرقمية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت مبادرات مهمة كمشروع “20 دونما للزراعة الذكية” الذي نفذه المركز الوطني للبحوث الزراعية بالتعاون مع منظمات دولية، وأسهم ببناء قدرات مئات المزارعين على تبني تقنيات حديثة بمحاصيل رئيسية كالخضراوات والزيتون، حيث ان هذه التجارب الأولية عكست وعيا متزايدا بأهمية التكنولوجيا الزراعية في مواجهة التغير المناخي وخفض الكلف وتحسين الإنتاجية، غير أن التحدي الأكبر يكمن بتوسيع نطاق هذه المبادرات لتشمل مختلف المحافظات، عبر الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتوفير حوافز مالية وتقنية للمزارعين، وبناء قاعدة بيانات وطنية تربط بين الإنتاج والإرشاد والتمويل والتسويق. 
وتابع، ان تطوير هذه الجهود يتطلب شراكات أوسع بين القطاعين العام والخاص، وتدريبا عمليا مستمرا، بما يضمن انتقال الزراعة الأردنية من مرحلة التجارب المحدودة لمرحلة التحول الرقمي الشامل الذي يعزز الأمن الغذائي ويضع الأردن في موقع ريادي إقليميا.
وزاد، عبر الإرشاد الزراعي الرقمي، سيتمكن المزارعون من الاطلاع على محتوى تفاعلي ودروس عملية حول أفضل الممارسات في إدارة المياه والتربة ومكافحة الآفات، إضافة للتعرف على أحدث التقنيات الزراعية. 
أما في جانب التسويق، فسوف تفتح المنصة آفاقًا جديدة أمام المزارعين للوصول مباشرة للمستهلكين والأسواق المحلية والإقليمية، بما يقلل من دور الوسطاء ويرفع من العائدات المالية.
وتأتي خاصية الإبلاغ عن الأوبئة والآفات كأداة حيوية للإنذار المبكر، إذ تتيح للمزارعين رفع بلاغات فورية عن أي انتشار للأمراض أو الآفات، ما يمكّن الجهات المختصة من التدخل السريع والحد من الخسائر.
واضاف، كما أن ربط المزارعين بالمؤسسات التمويلية عبر ملفات رقمية توثق تاريخهم الإنتاجي سيمنحهم فرصًا أكبر للحصول على القروض والدعم، ويعزز من قدرتهم على الاستثمار بتطوير مزارعهم.
واشار الى، ان هذه الخطوة لا تقتصر على تحسين الأداء الزراعي فحسب، بل تحمل أثرًا استراتيجيًا على الأمن الغذائي الوطني، إذ تسهم برفع كفاءة الإنتاج، وتعزيز الشفافية في سلاسل التوريد، وتسريع الاستجابة للأزمات مثل الجفاف أو تفشي الأمراض، كما تمثل المنصة أداة لتمكين صغار المزارعين من دخول الاقتصاد الرقمي، بما يضمن عدالة أكبر في توزيع الفرص.
وشدد على ان إطلاق المنصة الزراعية الوطنية الرقمية يضع الدولة بموقع متقدم إقليميا، بمجال الزراعة الذكية، ويعكس استثمارا مباشرا بالأمن الغذائي والقدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق العالمية، مبينا إنها ليست مجرد أداة تقنية، بل مشروع استراتيجي يربط بين المزارع والسوق والمؤسسات التمويلية والجهات الرقابية في شبكة واحدة متكاملة، لتتحول الزراعة من قطاع تقليدي إلى قطاع ذكي قادر على مواجهة تحديات المستقبل وضمان غذاء مستدام للأجيال القادمة.
الوصول لشرائح بعيدة
 
								