د فاضل الزعبي  لوكالة الانباء الاردنية -بترا- الزراعة الأردنية تشهد فصلاً جديداً في الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي

د فاضل الزعبي  لوكالة الانباء الاردنية -بترا- الزراعة الأردنية تشهد فصلاً جديداً في الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي

قال الخبير في الامن الغذائي د فاضـــل الزعبي لبترا: خلال الأعوام الأخيرة، لعبت وزارة الزراعة الأردنية والمركز الوطني للبحوث الزراعية دوراً محورياً في دفع عجلة النمو الزراعي، مستفيدين من شراكات دولية ودعم من منظمات أممية وإقليمية. هذه الجهود لم تقتصر على الدعم المالي، بل شملت أيضاً نقل المعرفة، إدخال تقنيات حديثة، وتطوير برامج طويلة الأمد لتعزيز استدامة القطاع.

فقد أطلقت وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والمركز الوطني للبحوث الزراعية عدة مشاريع نوعية في عام 2025. من أبرزها مشروع حفظ وتحسين الجينات الوراثية لأصناف اللوز المحلية، الذي يهدف إلى حماية التراث الزراعي الأردني من التغير المناخي والتحديث الزراعي، عبر دراسات وراثية ومورفولوجية متقدمة، وتطوير أصناف جديدة أكثر قدرة على التكيف والإنتاج. كما أُطلق مشروع آخر بعنوان “تعزيز القطاع الزراعي من خلال بناء القدرات وتحسين الوصول إلى الأسواق”، والذي ركّز على تمكين المزارعين من تبني ممارسات زراعية مستدامة، وتزويدهم بالأدوات والتدريب اللازمين، إضافة إلى خلق قنوات تسويق جديدة عبر المعارض الزراعية.

أما المركز الوطني للبحوث الزراعية، فقد انخرط في مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي وبرامج مثل Horizon Europe، منها مشروع SOILRES الذي يركز على تحسين صحة التربة وتعزيز قدرة المحاصيل على الصمود، ومشروع ACQUAOUNT الذي يستخدم تقنيات الاستشعار عن بعد والنمذجة الرقمية لإدارة الموارد المائية بكفاءة. كما شارك المركز في مبادرات متوسطية مثل LIVINGAGRO لتعزيز الزراعة الحرجية الذكية مناخياً والمستدامة. وإلى جانب ذلك، تم تنفيذ مشروع ممول من صندوق المناخ الأخضر بالتعاون مع الفاو ووزارات أخرى، يهدف إلى بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه، وتضمن إنشاء مدارس حقلية للمزارعين في محافظات الجنوب لتدريبهم على الممارسات الزراعية الذكية.

وفي هذا السياق، برزت مبادرة “20 دونماً للزراعة الذكية” التي نفذها المركز الوطني للبحوث الزراعية بالتعاون مع شركاء دوليين مثل الوكالة الفرنسية للتنمية والمنظمة السويسرية “هيلفيتاس” ومؤسسة نهر الأردن والمجلس النرويجي للاجئين. استهدفت هذه المبادرة محافظتي المفرق وإربد، وركزت على تمكين صغار المزارعين من تبني ممارسات زراعية ذكية مناخياً على مساحات تجريبية تبلغ 20 دونماً. وقد نجحت المبادرة في بناء قدرات مئات المزارعين والمزارعات، حيث تم تدريبهم على تقنيات حديثة في إنتاج محاصيل مثل البندورة والخيار والزعتر والزيتون، مع إدخال أنظمة ري موفرة للمياه وأساليب زراعة تقلل من أثر التغير المناخي.

أهمية هذه المشاريع والمبادرات أنها لم تقتصر على الجانب التدريبي أو البحثي، بل شكلت نموذجاً عملياً يمكن تعميمه على نطاق أوسع، إذ أثبتت أن الاستثمار في مساحات صغيرة باستخدام تقنيات ذكية قادر على رفع الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل، وفي الوقت نفسه تعزيز مرونة المجتمعات الزراعية في مواجهة التحديات المناخية. ومن خلال هذه الجهود، رسّخ المركز الوطني للبحوث الزراعية ووزارة الزراعة دورهما كحلقة وصل بين البحث العلمي والتطبيق العملي، مقدّمين نموذجاً يمكن أن يُحتذى به في مبادرات مستقبلية تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في الأردن.